aboweaam

الأربعاء، 22 أبريل 2015

وئام .. وداعاً يا طفلتي وداعا يا ابنتي الحبيبة


روايتي المؤلمة ..

بعنوان :
وئام .. وداعاً يا طفلتي
وداعا يا ابنتي الحبيبة

المكان : 
جبال الحشر ـ الطرف

الزمان :
الأحد،  جمادى الآخرة 16، 1436
                  إبـــريــــــل 5، 2015

"إن القلب ليحزن.."
لم تكن تلك مجرد كلمات تفوه بها النبي -صلي الله عليه وسلم-حين مات ولده إبراهيم
لأول مرة يأخذ قلبي ركناً وحده وينهار ويجهش في بكاء هستيري..علي فراقك يا وئام ..
قلبي الذي عاهدته يا طفلتي أن تسكني فيه دائماً وأبداً جنباً الي جنب بجوار أختك وصال...
بات يبحث عنك الأن دون جدوي...
يسأل عنك كل أحد دون جدوي...
يتفقد فراشك الصغير...
يمسح بدموعه كل قطعة كنت ترتديها يا صغيرتي...
يبكي كلما رأى ألعابك التي أحضرها لتلعبي بها...
أخذت الأمنيات قلبي إلى يوم تتخرجين فيه من الجامعة محققة أحلامك(دكتورة) وتهرولين تحتضنيني وأضمك إليٌ بفرح...
لكنه بعد الأن بات ضرباً من خيال...ورؤية سراب لن تتحقق
تخيلك قلبي يا ابنتي تحملين حقيبتك علي ظهرك إلي المدرسة
وتأتين إلي غاضبة مقطبة الجبين وتشكين من أختك وصال أنها فعلت بك كذا وكذا
وأنا ابتسم لكما واتظاهر بأني أعنف وصال ليرضي ذلك قلبك الصغير وتعود البسمة إليك...
لكنه بعد الأن بات ضرباً من خيال...ورؤية سراب لن تتحقق
صمت قلبك... فشهق قلبي...
وتوقفت دقات قلبك فصرخت دقات قلبي ملتاعة لا تصدق مشهد الرحيل
وتمتم لساني بين عبرات دموع خانقة وحزن بثقل سبع سموات والآراضين معاً...
إنا لله وإنا إليه راجعون...
"...وإن العين لتبكي.."
لم أشأ أن أتودد إلى عيني لتوقف هدير دموعها...
ولا أحسبها تفعل وتطيع...
وأنا على يقين أنها لن تسمع لكلامي ولن تنصاع لأمري..
فمصيبتها فيك يا وئام قد شغلتها عن أي شئ...
لم تصدق عيني أنها لن ترى بسمتك الملائكية ثانية...
وأنت التي عودتها على مدار مايقارب العشرسنوات ...
أن تمنحيها بسمة كلما سقط نونها عليك...
وحين يمسح جبينك رموشها...
كانت لغة البسمات أكثر من أن توصف بينكما...
حتي أدمنت عيني النظر إليك ..
وباتت لا تمل ولا تكل ولاتعرف وسيلة لدفع هذا الشوق الذي يجعلها تسرع للنظر إلى وجهك...
وتتأمل قسمات وجهك المنمنمة التي أبدع الخالق في تكوينها وتركيبها...
وئام ...
إن عيني لا تزال تبحث عنك في كل ركن من غرفتك الصغيرة...
تجول ببصرها هنا وهنالك...عبثاً تتخيل أنها ستبصرك وأنت ترفرفين بيديك وقدميك الصغيرتين
وتقع في حيرة شديدة حينما تفكر في مصيبتها بأنها لن تلقاك إلا في الآخرة...وربما في الجنة...ربما
فتجلس عيني يا ابنتي وقد أعياها البحث عنك...وتشرد ببصرها بعيداً..بعيداً..
إلى مكان خيالي ليس فيه أحد سواي وسواك...
مكان ملئ بالملائكة الصغار يلعبون من حولك...وضحكاتك تغمر المكان
وأنا من بعيد أراقبك وأبكي...نعم أبكي...
أبكي لأنني في هذا العالم الخيالي لا أستطيع أن ألمسك...أو أحملك بين ذراعي
كل ما أستطيعه هو أن أراقبك فقط...حتى لا يتلاشى المشهد من ذهني سريعاً
ستظلين هكذا يا ابني دائماً وأبداً في خيالي..طفلة وصغيرة...لن تكبري بمرور السنين
بينما الأيام والسنوات ستأكل ما تبقى لي من ساعات في هذه الدنيا...
حتى يحين موعد اللقاء الأبدي بيننا
"...وإني لفراقك يا وئام لمحزون...محزون..."
أجل يا وئام
لا تدري يا قطعة قلبي...
وأنا أحملك بين ذراعي وحولي من حولي ...
ذاهبين لنواريك تحت الثري...في أحضان التراب
لا تدري أن شعوراً قوياً قد راودني وأنا أقبل جبينك لتوديعك ... أنك لازلت علي قيد الحياة
كنت أختلس النظر إليك...وامسح قطرات دمعي التي تساقطت على وجهك البرئ الطاهر
هذه القطرات التي لا يحق لها أن تلمس وجهك النقي بعد أن لوثتها الحياة الدنيا
بالكذب تارة...و الغش تارة...والخداع مرات عديدة
كنت أظن يا ابنتي أنك سوف تبتسمين لي...وتطلبين مني أن أزيح عنك رداء الموت الخانق
كنت أشعر أن أطرافك الصغيرة تتحرك في حضني
فكنت أزيح رداء الموت قليلاً لعل الأمنية تصبح حقيقة وتعودين للحياة
لكن من أحبهم الموت لا يهبهم ثانية للحياة...
وحين نزلت إلى رحم الأرض التي سوف تمكثين فيها إلى يوم الوقت المعلوم...بكيت نفسي لا أنت
أي أب أنا الذي يدفن بضعة من قلبه في التراب
أي أب أنا الذي هان عليه أن يهيل التراب فوق غصن فؤاده
وضعت التراب يا طفلتي فوق بسمتك...
فوق ثغرك الباسم...
فوق وجهك الملائكي الذي ما أضمر لي يوماً شراً
وإنما كان يضحك حين يراني...ثم أنا الأن أكافؤه وأهيل عليه التراب ..
قبلتك حينها أكثر من مرة...لا أدري كم مرة بالتحديد...
لم أستفق من معانقتك إلا حينما جذبني من كان حولي لما طال مكثنا في حضرة الموت المقدسة
فالملائكة في شوق لإقامة عرسك يا طفلتي
والجنة قد زينت...وأطفالها في شوق وحنين إليك
فأنتم جميعاً على موعد ...
أنهار وبساتين وثمار وزهور ورياحين وعصافيروالنور يغمر كل مكان
حيث الخير ولا شئ إلا الخير...
لا مكان للشر هناك يا طفلتي...
فأنعمي بالأمان...
بجوار الرحيم الرحمن
وئام ..
دفنتك ... فدفنت شعاع النور الذي يضئ حياتي
كنت ألتفت خلفي وأنا أغادر مثواك الأخير
والله وأقسم بالله...كأني أسمع صوتك يناديني...لماذا تتركني يا أبي
لم أفعل لك شئ سوي أي أحبك...نعم يا أبي أحببتك
لكن يا ابنتي هي الأقدار حالت بيننا
لكني سأدعو الله في صلاتي ان يقصر فيما تبقى لي من أيام
وأن يعجل موعد اللقاء بيننا
ثقي في هذا
فلقد سئمت الدنيا وأهلها...وحلوها ومرها...وكل شئ فيها
كل شئ دون الموت وهم...كل شئ ينسيك الموت وهم...كل وهم دون الموت وهم
دفنتك يا ابنتي...لكني يقيناً لن أنساك...اتحرى لهذا اليوم في أرض المحشر حينما تمسكين بيدي
وتشفعين في أب لم يفعل شئ في الحياة ينجو به...سوى أنه آمن بالله ثم أحبك
لن أنساك
فلا تنسيني
وإنا لله وإنا اليه راجعون
ولله ما أخذ وله ما أعطي وكل شئ عنده بمقدار
اللهم إن إبتليت فكم عافيت...وإن أخذت فكم أعطيت… يبقى القضاء والقدر وتبقى إرادة الله تعالى هي الغالبة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن... وتبقى التقادير الإلهية مرسومة لكل حي قبل أن يكون، فهذا قدرنا أن نفارقكِ، وهذا قدركِ أن ترحلي إلى مقر راحتكِ إذ لا خوف عليك ولا هم يحزنون...
وكيف الخوف و أنت رحمة بين يدي رحيم... كيف الخوف وأنت بين يدي من هو أرحم بكِ من أمكِ و أبيكِ... كيف الخوف وأنت ملاكٌ طاهر من أي ذنب أو خطيئة... فإلى جنان الخلد يا ملاكي الصغير... إلى جنان الخلد حيث لا تعبٌ ولا مرضٌ ولا سقم... إلى جنان الخلد حيث لا حزنٌ ولا همٌ ولا غمٌ ولا ألم.
اللهم لك الحمد حمدا دائما أبدا لا تحصي له الخلائق عددا، اللهم لا اعتراض على حكمك وقضائك، اللهم إنا رضينا وارتضينا بما كتبت لنا، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ونسألك العفو والعافية، اللهم ارحمها وارحمنا برحمتك واجعلها شفيعة لي ولأمها يوم القيامة واجمعنا بها في جنانك وعوضنا عنها خيرا وصبرا وثوابا يا أرحم الراحمين.
والدكِ الذي لا يقوى على نسيانكِِ
أبو وئام ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق